×

كشفت أسرار تأسيس الدولة السعودية الأولى.. “المريطب”: بلادنا عربية صافية منذ تأسيسها.. ويوم ٢٢ فبراير استحضارٌ لعمقها التاريخي

كشفت أسرار تأسيس الدولة السعودية الأولى.. “المريطب”: بلادنا عربية صافية منذ تأسيسها.. ويوم ٢٢ فبراير استحضارٌ لعمقها التاريخي

المناسبات الوطنية ودورها

١- تحتفل المملكة باليوم الوطني في 23 سبتمبر وبيوم التأسيس يوم 22 فبراير.. هلا أوضحتِ للقارئ الفارق بين المناسبتين الوطنيتين؟

بدايةً لا بد من الإشارة إلى أن هذه المناسبات، هي مناسبات جليلة في تاريخ الوطن فهي تبرز محطات ومراحل الكفاح التي بذلت في سبيل استقرار ووحدة بلادنا الحبيبة: إن يوم التأسيس ٢٢ فبراير هو اليوم الذي تأسست فيه الدولة السعودية على يد الإمام محمد بن سعود، وبه وُضِعت لَبِنَات الحكم السعودي المجيد الذي امتد على أطوار ثلاثة، أما اليوم الوطني في ٢٣ سبتمبر فهو اليوم الذي وحد فيه الملك عبدالعزيز آل سعود المملكة العربية السعودية في هذا البناء الشامخ المعاصر الذي نرفل بأمنه وننعم بخيراته اليوم.

٢- ما هي أهداف يوم التأسيس؟ ولماذا تم إقراره؟

تكمن أهمية يوم التأسيس في أنه استحضار للعمق التاريخي، وإبراز للإرث الحضاري والسياسي لبلادنا، ولا شك في أن استذكار هذه المناسبات التاريخية وإبرازها إعلاميًّا يعمّق من الانتماء الوطني، والاحتفاء بها يزيد من الوعي التاريخي بمسيرة بلادنا العاطرة.

٣- كما نعلم فقد تولى الإمام محمد بن سعود حكم الدرعية في عام 1727م، وهو التاريخ الذي بدأ فيه تأسيس الدولة.. فلِمَ تم تحديد يوم 22 فبراير بالذات كيوم للتأسيس والاحتفال بالمناسبة؟

لنعود هنا للتاريخ قليلًا، فقد حدثت في النصف الأول لعام 1139هـ أحداث تاريخية هامة؛ منها معارضة الأمير مقرن بن محمد لحكم الأمير زيد بن مرخان، ومحاولته الوصول إلى الحكم وفشله، ومنها كذلك محاولة حصار بلدة العيينة، ثم مقتل الأمير زيد بن مرخان، وفي ظل غياب التدوين التاريخي الدقيق لتلك الحقبة، وللجمع بين تلك الأحداث في حقبة متزامنة؛ تم ترجيح تولي الإمام محمد بن سعود الحكم في منتصف هذا العام، ومقاربته ليوم ٣٠/ ٦/ ١١٣٩هـ الذي يوافق ٢٢/ ٢/١٧٢٧م.

٤- أعطت رؤية 2030 أهمية بارزة للهوية الوطنية.. كيف يترجم الاحتفال بيوم التأسيس ذلك؟

يوم التأسيس هو تعميق للهوية التاريخية والجذور العميقة للدولة السعودية، وهو أحد اهتمامات رؤية ٢٠٣٠، والمتتبع لمكتسبات العامين الماضيين عقب إعلان يوم التأسيس؛ يدرك أن استحضار المناسبات الوطنية والتغني بالمآثر التاريخية، والدعم الإعلامي الواسع لها؛ يبلور هوية النشء الوطنية بصورة عميقة، ويعمق في الوقت ذاته توجهات الانتماء والولاء للوطن، فكلما زاد وعي الشباب بتاريخ وأمجاد وطنهم؛ زاد اعتزازهم وولاؤهم للوطن، ونحن نعايش اليوم ونرى هذا الإنجاز تحقق بصورة لافتة، فبعد الإعلان عن يوم التأسيس قبل عامين ازداد إلمام ومعرفة الشباب والمجتمع بكافة أطيافه بجوانب تاريخية كانت مغمورة ومجهولة في تاريخ بلادنا.

جذور التأسيس وإرهاصاته

٥- كإرهاصات أو تمهيد لتأسيس الدولة السعودية في حقبة تالية أسس الأمير مانع المريدي في عام 850هـ/ 1441م خلال حكمه للدرعية ما يُعرف بالمدينة الدولة city state.. هل يمكننا تبسيط المفهوم وإيضاحه أكثر؟

إن مفهوم دولة المدينة city state هو مفهوم يوناني قديم يعود لعصور قبل الميلادي، تَمثل في مدن يونانية تاريخية شهيرة منها أثينا وإسبرطة ومقدونيا، وهذه المدن كانت آنذاك تعد دويلة صغيرة لها كيانها السياسي المستقل، ولو قربنا الصورة أكثر لشبه الجزيرة العربية؛ نجد أن مكة المكرمة كانت كذلك، وحتى يثرب كانت لها ذات الصفة وكانت ذات كيان سياسي مستقل؛ لذا كانت مقصد هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم بعد خروجه من مكة المكرمة، والدرعية أحد تلك النماذج للمدينة الدولة؛ إذ إنها كانت منذ تأسيسها على يد مانع المريدي تمتاز بمكانة سياسية واقتصادية بارزة في نجد.

٦- كان حلم بناء دولة عربية في جزيرة العرب يراود بعض العقلاء؛ وذلك لما اعترى هذه المنطقة الجغرافية من الإهمال خلال قرون عديدة.. فهل يمكن القول إن المدينة الدولة (الدرعية)، كانت الأساس لمفهوم الدولة القابلة للتوسع مع الأيام؟ وما معطيات ذلك؟

إن مساعي التمدد والتوسع السياسي لبناء الدولة راودت أمراء الدرعية منذ تأسيسها؛ فكان الحكم السياسي منظمًا بين أفراد أسرة آل سعود وانتقل بسلاسة بينهم، واكتمل الحلم ونضج بتولي الإمام محمد بن سعود الحكم فانطلقت بتوليه الدرعية في امتداد سياسي حقق الوحدة الفريدة للدولة السعودية لتشمل معظم مناطق شبه الجزيرة العربية.

٧- ذكر المؤرخ راشد بن علي بن جريس، الذي عاش في القرن الثالث عشر الهجري/ التاسع عشر الميلادي، كلامًا مؤداه أن فكرة إنشاء دولة عربية في جزيرة العرب كانت واضحة للأمير مانع المريدي ومن بعده أبناؤه وأحفاده.. فكيف انعكس ذلك على تأسيس الدولة تحت حكم الإمام محمد بن سعود بعده بنحو 3 قرون؟

كانت الدرعية بطبيعة الحال تتمدد وتتقلص وفق ظروفها السياسية، وهذا أمر وارد في حال الإمارات والدول؛ لذلك حينما تولى الإمام محمد بن سعود الحكم، أدرك بحنكته السياسية ملابسات تلك الظروف ومعطياتها على أرض الواقع، فعمل على تثبيت حكمه في الداخل، وحماية بلاده من أي تهديد خارجي، وكانت الدولة السعودية منذ تأسيسها وحتى يومنا هذا دولة عربية صافية بحكامها وشعبها؛ إذ لم تطأها قدم أجنبية معتدية إلا ودحرتها.

تأسيس الدولة

٨- تحدثت عددًا من المصادر التاريخية عن المبايعة في الدرعية بين الإمام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبدالوهاب عام: 1157هـ/ 1744م كتاريخ لتأسيس الدولة السعودية الأولى.. فكيف أصبح عام 1139هـ/ 1727م هو تاريخ بداية الدولة السعودية الأولى؟ وهل نفهم من ذلك أن الكتابات السابقة التي أشارت إلى عام 1157هـ/ 1744م كبداية تأسيس الدولة لم تتسم بالدقة؟

إعادة قراءة التاريخ وتحليل الأحداث ومقارنتها بالوقائع تعد أساس الدراسات التاريخية الرصينة، وما سبق من كتابات تعد اجتهادات ورؤى تاريخية قابلة للنقاش، فكثير من المؤرخين المعاصرين آنذاك ربطوا قيام الدولة السعودية بوصول الشيخ محمد بن عبدالوهاب، وأغفلوا الفترة الأولى من حكم الإمام محمد بن سعود وهي الفترة التي امتازت فيها الدرعية بالاستقرار السياسي والاقتصادي؛ مما كان أمرًا مهيأ ومحفزًا لقدوم الشيخ محمد بن عبدالوهاب للدرعية؛ حيث وجد الدعم والنصرة من الإمام محمد بن سعود.

إرسال التعليق

اخر الاحداث