×

وزير الإعلام الأسبق “خوجة” “لـ”سبق”: عرضنا الأغاني والمسلسلات في التلفزيون فهاجمتنا “الصحوة” بشدة في خُطب صلاة الجمعة

وزير الإعلام الأسبق “خوجة” “لـ”سبق”: عرضنا الأغاني والمسلسلات في التلفزيون فهاجمتنا “الصحوة” بشدة في خُطب صلاة الجمعة

يقول الدبلوماسي والشاعر وزير الثقافة والإعلام الأسبق، والسفير السعودي في دول عدة، الدكتور عبدالعزيز خوجة: “حينما ينشأ الإنسان في مكة ويعرف أن أصوله مكيّة عريقة يشعر دون شك بانتماءٍ وفخرٍ، ولا أستطيع أن أقارنها بأي مدينة أخرى”.

ويؤكّد في حواره مع “سبق”، إن الكيمياء علّمتني الصبر أثناء التفاعلات، فأحياناً الناتج لا يكون متوقعاً.. والصراعات الدولية لا يمكن التنبؤ بنتائجها.

وأوضح حكاية كتابته قصيدة “لقاء الساعتين” بعد مقابلة سياسية مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي، ورئيس الوزراء فؤاد السنيورة، عندما كان سفيراً في لبنان، ما يدل على أن القريحة الشعرية لا تنتظر الوقت والمكان المناسبين.

كما تطرق إلى دخوله المجال الإعلامي وكيلاً لوزارة الإعلام للشؤون الإعلامية، والمراحل التي سبقت ترشيحه لهذا المنصب المهم.

ويتناول الحوار عدداً من المحاور الدبلوماسية والإعلامية والشعرية، فإلى التفاصيل:

مكة مهد طفولة

تعد مكة مهد طفولة الدكتور عبدالعزيز خوجة.. ماذا تعني لك مكة المدينة وحاراتها وشوارعها بغض النظر عن قُدسيتها ومكانتها الدينية؛ ولاسيّما أنك زرت مدناً كثيرة قبل أن تستقر أخيراً بمدينة جدة؟

مكة هي الأساس، مكة هي المنشأ، هي الولادة، هي الإقامة، هي الأصل، هي الأهل، وإذا ما ذكرنا مكة يجب ألا ننسى أن مكة هي أقدس بُقعة في العالم كله، فمكة هي الشرف، هي مهبط الوحي، هي ولادة الرسول -صلّ الله عليه وسلم-، هي الحرم الشريف، هي الكعبة، هي مأوى أفئدة العالم كله من المسلمين المنتشرين في كل مكان، حينما ينشأ الإنسان في مكة، ويعرف أن أصوله مكيّة عريقة يشعر دون شك بانتماءٍ وفخر، ولا أستطيع أن أقارنها بأي مدينة أخرى إلا بتوأمتها المدينة المنوّرة، حيث مثوى الرسول -صلّ الله عليه وسلم-.

المحفّز الإبداعي

اسمح لي أن أعود بك لأكثر من 6 عقود كيف كانت طفولتك، وما اهتمامات ذلك الطفل، ومَن يستحق لقب عرّابك والمحفّز الإبداعي لك؟

حقيقةً نشأت في بيئة متوسطة وطيّبة من ناحية والدي ووالدتي، فقد كان منزلنا عبارة عن مدرسة للعلم والأدب، خاصةً من ناحية والدتي، حيث كان جدي لأمي عثمان قزاز، وخالي بكر قزاز، وكان منزلنا في جرول بمكة يحفه كثيرٌ من منازل الأدباء والمفكرين في ذلك الوقت، وكانت لوالدي صداقات عميقة مع مفكرين وأدباء وشعراء ذلك العصر، وكان شقيقي الأكبر يملك بالمنزل مكتبة، وكان لديه أصدقاء كأدباء ومفكرين، وأعتقد أن والدتي -رحمها الله- هي المحفز الحقيقي للإبداع بالنسبة لي ولأشقائي؛ بل اكتشاف المواهب، حيث إنها ساعدتني كثيراً في اكتشاف موهبتي الشعرية، بينما كان والدي يرى ويظن أنني سأصبح ذا شأن في الدولة؛ مما أعطاني الثقة بنفسي والتحفيز العالي وجعلني أنظر للأمام بإيجابية وجسارة عالية، بينما والدتي كانت تعتقد أنني سأكون شاعرًا كبيرًا حيث إنني عندما كنت بالمرحلة الابتدائية أحفظ كثيراً من القصائد والأشعار كقصائد ألف ليلة وليلة وأشعار عنترة، وكانت تسمح لي أن أقولها بالمنزل بصوت عالٍ دون أن يمنعني أو ينهرني أحدٌ، مما جعل هذه الأحداث تترسخ في عقلي الباطن واللاشعور، وأيضاً مدرستي الابتدائية كانت تزخر بمعلمين وأساتذة كُبار جدًا وقد كان لهم الأثر الكبير في تعليمي وإعطائي قواعد اللغة الأصيلة بالنسبة للإملاء والنطق والتجويد، وهذا أعتبره القاعدة الأساس التي ترسخ عليها البناء المعرفي بالنسبة لي فيما بعد.

مَلَكة الشعر

كيف اكتشف الشاعر عبدالعزيز مَلَكة الشعر؟

مثلما أسلفت سابقًا الشاعر يجد نفسه شاعراً ولا يعلم لماذا؟ والشعر عطاء وهبة ربانيّة من الله -سبحانه وتعالى- ويجب على الشاعر حين اكتشافه مَلَكة الشعر أن ينمّي هذه الموهبة والمَلَكة بالاحتكاك مع المثقفين والاطلاع، وربما أنني كنت محظوظاً لأنني وُجْدِتُ في بيئة ثقافية، وأستطيع أن أقول إنني أحسست بأنني شاعر في مرحلة الطفولة المبكرة، حيث كانت تلفت انتباهي أشياء لا تلفت زملاء الطفولة، كالقمر والبدر في الصحراء، والغابة وأشجارها، وكانوا يقولون لي زملاء الطفولة مازحين: انظروا إلى عبدالعزيز إنه شاعر. واسمح لي أن أنبّه إلى نقطة مهمة وهي أن الشاعر من المهم أن يكون وعاؤه الثقافي ممتلئاً جداً وعريقاً، وأنا -ولله الحمد- أُتيحت لي الفرصة أن أدرس بالخارج في بريطانيا، وأيضا كنت سفيراً في كثير من الدول المهمة؛ كتركيا وروسيا ولبنان والمغرب، وبالطبع كل دولة لها ثقافاتٌ مختلفة وكانت هذه المحطات مناهل عديدة وجداول تنصب في داخلي في اللاشعور وتغذي أفكاري ومعرفتي وحروفي، لذلك من المهم أن يكون الشاعر على اطلاع على الثقافات الأخرى وأدبهم وشعرهم مما يسهم في زيادة مفرداته حتى يتكوّن له أسلوبه الخاص.

قصيدة وجدانية

كيف استطعت كتابة قصيدة وجدانية مثل لقاء الساعتين التي تغنى بها فنان العرب محمد عبده؛ بعد لقاءٍ سياسي مهم مع رئيس الوزراء آنذاك فؤاد السنيورة ورئيس مجلس النوّاب نبيه برّي عندما كنت سفيراً في جمهورية لبنان؟

حقيقةً بعد نهاية لقائي مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس الوزراء فؤاد سنيورة كنت أنوي أن أكتب ما جرى في لقائي معهما ووجدتني أكتب قصيدة لقاء الساعتين حتى إن زوجتي قالت لي مُتعجبةً: هل أنت متأكدٌ أنك قابلت الرئيسين أم أنك ذهبت إلى مكان آخر؟ فقلت لها شاهدي التلفاز وستجدينني معهما في الاجتماع، وأخبرتها أنني كتبت القصيدة بعد الاجتماع مباشرةً، وهذا يدل على أن القريحة الشعرية لا تنتظر الوقت والمكان المناسبين، ويجب أن يستسلم الشاعر لتلك اللحظة؛ لأنها إن ذهبت لن تعود وستذهب لشاعر غيره، وأنا أشبه لحظات الشعر كالجواد الحرور، وأعتقد أنها سوف تذهب لشاعر آخر يكتبها بأسلوبه الخاص وعندها يتحسر الشاعر على تفويت هذه اللحظات الشعرية المفاجئة.

دبلوماسي وإعلامي

حصلت على درجة البكالوريوس في الجيولوجيا والكيمياء إضافة إلى دكتوراه في الكيمياء، ويبدو أنك من عُشاق الكيمياء رغم إبداعك كدبلوماسي وإعلامي. ما سر عشقك للكيمياء؟ وهل كان للكيمياء أثرٌ في وصولك إلى ما وصلت إليه؟

الكيمياء من أحب المواد لديّ، خصوصاً الكيمياء العضوية، وأعتقد أن الكيمياء هي الحياة نفسها، فالجسم به تفاعلاتٌ كيميائية وتفاعلنا مع البشر هو عبارة عن تفاعلات كيميائية وعلاقاتنا عبارة عن كيمياء، فلربما تجد شخصين بينهما كيمياء عالية وتفاهم كبير دون أن يعرفا أو تعرف السبب، لكن الكيمياء هي سبب هذا التفاهم، وحقيقة الكيمياء علّمتني الصبر أثناء التفاعل الكيميائي، فالكيميائي يجب أن يصبر أثناء التفاعلات الكيميائية؛ لأن التفاعلات الكيميائية تمر بحالة وسطية وهذه الحالة الوسطية يجب على الكيميائي ألا يأخذها كنتيجة نهائية، بل عليه أن يصبر حتى اكتمال التفاعل، وأحياناً الناتج لا يكون متوقعاً، حيث إن الناتج الرئيس للتفاعل قد يمثل 60% فقط، بينما الباقي يكون من النواتج الثانوية التي قد تكون جيدة أو غير جيدة بشكل غير متوقع أبداً، مما يجعلني ككيميائي أُنقي هذه النواتج الثانوية، وأحصل على نتيجة نهائية حسبما أريد، وأيضًا التفاعلات الكونية عبارة عن كيمياء، والصراعات الدولية عبارة عن كيمياء، لا أحد يستطيع التنبؤ بنتائجها، وقد يجتهد المحللون السياسيون في التنبؤ بالأوضاع السياسية مستقبلاً، لكن قد تكون هناك نواتج جانبية لا أحد يتوقعها خصوصاً في هذه الفترة الحرجة التي نعيشها من حرب أوكرانيا والاعتداءات والانتهاكات من قِبل جيش الاحتلال على إخواننا في غزة، وإن العالم يتحرّك بشكلٍ متسارعٍ والتوترات تتصاعد، فخلال الأيام القليلة الماضية حضر عديدٌ من قادة الدول الإسلامية والعربية بدعوة من قيادتنا الحكيمة؛ للاجتماع -بشكل طارئ- في عاصمة القرار الرياض، وأعتبر كأننا في هذه اللحظات في الحالة الوسطية، وننتظر الناتج النهائي لهذه التفاعلات والتوترات، وأسأل الله أن يكون الناتج النهائي خيراً وفي صالحنا تحت ظل قيادتنا الرشيدة، لذلك أقول إن الكيمياء هي أساس كل شيء.

إرسال التعليق

اخر الاحداث